الدور الباهت للمبعوث الدولي إلى اليمن
يمنات
عبد الخالق النقيب
غادر المبعوث الدولي صنعاء وهو يعرض ذاكرته للبيع ، ويحاول نسيان الأمور التي تسير على نحو سيىء ويشعر أن سماعها قد يغضب المملكة منه ، لم يكن جديراً حتى بالتفاصيل الشكلية لمهمة دولية تبث التطمينات في قلب العاصمة التي تواجه أعتى ترسانة أسلحة بمفردها ..!!
زيارته الخاطفة بدت غارقة في حساباتها الكثيرة ، وقد كان بارعاً في إتقان الدور الذي تم الإيعاز له بتنفيذه ، هذا تسطيح غبي وتافه يشبه التحالف كثيراً ، ولا علاقة له بمساعي السلام إزاء فاشية يرزح اليمن تحت وطأتها منذ نهاية مارس العام المنصرم .
سقطت الأمم المتحدة في مستنقع العالم القواد ، ولا يتسنى لأحد شحنها أخلاقياً وبمعدل يفوق مآثر الحرب الدراماتيكية التي شنها تحالف المملكة السعودية ضد اليمن ، وتسببت بتركة ثقيلة من الإبادة الجماعية والدمار وجرائم الحرب وتفاصيل دامية بترت كل ما يتصل بالحياة ..!!
إنسانياً : أصبحنا أمام مآلات أيقضت العالم من نومه فزعاً ، وتتوجب إحلال سلام شامل ودائم يضع حداً لما بقي من هذه الحرب ، بينما الأمم المتحدة تطأطؤ برأسها وتسعل بطريقة مفتعلة ، وتفكر الآن بممحاة كبيرة ثم تمحو بها أضخم مأساة بحق اليمنيين ..!! لتصدر من فورها قراراً أممياً يبرأُ المملكة من جرائمها النازية .. هكذا يمكنها أن تتناول موتنا في آخر صفقاتها المشبوهة ..!!
بدأ الحديث عن تجويع ممنهج يطال آلاف البشر ، ولازال المجتمع الدولي يتأهب لخطاب بارد وأكثر غموضاً ليتكيف مع مرحلة جديدة أفضت إليها آلة الحرب..!! في الجزء الأكثر دناءة لهذه الحرب أن يُقتل اليمني يومياً ويلاقي مصيره وحيداً وبدون حتى جريدة يغطي بها رأسه ..!! ولن تجد ما يجعلك تشعر بالحماسة إزاء مبعوث دولي منزوع الإرادة ، يمارس دوره بلا أخلاق ويفشل في تثبيت هدنة هشة ، وعند أبسط اختبار له .. تلمح عجزه في الوقوف أمام كاميرات الصحافة ليتحدث عن حرب سافلة تغدر بالصيادين وعمال المصانع وضحايا الأسواق المكتضة بالأطفال والنساء ،هذه مهمة رخيصة ولا يجب أن تنتظر من صاحبها أن يرفع اصبعه في وجه القتلة ، ولن يجرؤا على التنديد باستخدام صواريخ محرمة دولياً تحصد أرواح الآلاف وفق إحداثيات تم رصدها بدقة ..!
لم يعد بمقدور اليمنيون التعويل على العالم كثيراً ، وهذه الوحشية التي يمارسها الأوغاد تنبت على أرضهم ولن يجعلوا كلفتها الباهضة تمر على مئات الجثث دون ضجيج، سيكون بمقدورهم رصد تفاصيل الأشياء ، وعندما يقفون على أي كارثة إضافية سيجمعون أوتاد الجريمة ويغرسونها في ذات المكان ، ثم ينصبون عليها حديقة تشبه حديقة السلام في هيروشيما ، وفي نهاية كل عام سيذهبون إليه ليضعوا إكليلاً من الزهور ويشعروا بحرارة الشمس وبكل الحقائق التي لا تغيب ، وقبل أن يغادروه سيكتبون رسالة بروتوكولية ثم يرمونها بوجه المنظمات والهيئات الدولية ، سنوياً سيلمحهم أمراء الحرب والطغاة ومعهم المتواطئون ، ويدركوا أن التاريخ لازال يمسك برقابهم ، وأن جرائم الحرب أكبر من حزن ثقيل ولا يمكن تسويتها بشيك أو اعتذار أبله ..!!
لربما عجز اليابانيون عن الأخذ بحق ضحاياهم غير أنهم تمكنوا من إذلال شعارات السلام العالمية ونجحوا في تذكير العالم سنوياً بالوجه القبيح لأمريكا..!!
وبينما يحدق اليمنيون في الأداء الرديء لولد الشيخ كمبعوث أممي سيتذكرون بسهولة أن الشرق الأوسط برمته لا يشاطر الأمم المتحدة تجربة ناجحة واحدة ، أو نقطة ضوء تبدد العتمة ويمكنهم اليوم أن يمروا عليها لتدفعهم نحو أمل حقيقي لربما تمكن المجتمع الدولي من الانتصار به ، نحن على يقين بأن أي مبعوث دولي قد شرته شيكات التحالف السعودي ووضعته ضمن خياراتها وألاعيبها اللعينة ..!
الدور الباهت لمساعي السلام في اليمن يُكرس تواطؤ المجتمع الدولي كأحد الأشرار الذين يعملون لحساب مملكة فاحشة الثراء ..!! غير أن ما يحدث سيتحول إلى وشم عار في جبين الإنسانية ، وكلما تزلج شيك على سفح الأمم المتحدة سيعرف التاريخ جيداً أنه يمكن للأثرياء شطب الإنسانية في سجلات المجتمع الدولي وأفئدته الهشه ..!!
وغداً حين تنتهي الحرب سيخلد اليمنيون تفاصيل كل محرقة سعودية بحقهم ..! فلا شيء هنا قابل للنسيان ، ومن حين لآخر ستلتفت المملكة على جروحنا المفتوحة وهي تتضخم على جدارها وتفتك بجبروتها ..!!